مقال ترحيبي لدار الافتاء العام بمناسبة الليله المقدسه "الاسراء و العراج "
أيها الإخوة والأخوات المسلمين الاعزاء،
عشية ليلة الاسراء و المعراج اتوجه اليكم متمنيا من الله تعالى ان يتقبل دعائكم و صلواتكم .
ليلة الاسراء و المعراج ،هي ليلة ذو غايه كبيره ، و فيها سافر محمد صلى الله عليه و سلم من مكه المكرمه الى المسجد الاقصى في القدس ، و من ثم رفعه الله تعالى الى السماوات العلى . كانت هذه الليله قد سبقت باحداث صعبه للغايه على المسلمين، بما اصطحبها من اضطهاد و تنكيل و تعذيب لاصحاب و اهل رسول الله محمد على يد وجهاء و حكام مكه المكرمه ، الذين كانوا يجدوا في شخصية الرسول تهديدا لمصالحهم الشخصيه والسياسيه و الاقتصاديه .
هؤلاء الحكام رفضوا التخلي عن عبادة الاصنام التي لا تسمن و لا تغني من جوع ، و من خلالها يستغلون عدم وعي الناس المحليين وجهلهم من خلال عبادة هذه الاصنام من اجل السيطره وممارسة سياسة العبوديه عليهم. و هذا ما يعارض افكار و اسس الدين الاسلامي الذي بعث عليه محمد عليه السلام ، اذ يعتبر بان كل الناس سواسيه و لا فرق بينهم .لم يتقبل الحكام رسالة محمد عليه السلام و اتهموه بعدة صفات من الوهم و التضليل وحتى في الجنون . وعندما ضاقت به الامور في مكه المكرمه ، هاجر الى مدينة الطائف املا ان يحدث شيء جيد و لكن هناك ايضا رسالته قوبلت بالرفض و المحاربه حتى وصلت الامور الى رمي الرسول الكريم بالحجاره . بعد ذلك الحدث اضطر محمد عليه السلام للعوده الى مكه المكرمه و لكن في وضع صعب للغايه حيث عرف المكيون ماذا احل بنبي الله . ولم يبقى لمحمد لا امل و لا قوه الا املا في الله تعالى في تغيير الاوضاع ،فكانت ليلة الاسراء و المعراج جائزه الى الرسول كمعجزه له و اشاره و تثبيت بان الله تعالى لا يتخلى عن عباده الذين يؤمنون به .
الناس اليوم في حالة من اليأس و التخبط و الاحباط بسبب اضطهاد المسلمين في العالم و الظلم الواقع الذي يجتاح الإنسانية وعالم اصبحت فيه المادية طاغيه و سباقه على القيم الإنسانية. اليوم ليس هناك من رسول يبعثه الله لكي يكافئه و يصعده الى السماء ،ولهذا فان الصلاة هي الطريق الوحيده كي نتقرب الى رحمة الله وهي الشاحن الذي يساعدنا بان نتجاوز صعوباتنا و مشاكلنا.
أنا لا ادري لما يمثل الإسلام تهديدا لبعض معاصرينا، لا يعرفون ماذا يريدون من المسلمين لا أدري لماذا تزعجهم و تخيفهم المساجد، لكنني متيقن من أن القوة الروحية التي تأتي من الإيمان الصادق والحب لجميع مخلوقات الله، هي الطريقة الوحيدة لمواجهة الكراهية و التخوف من الإسلام. الحب هو من سمات المؤمنين الاقوياء بينما الكراهية هي متأصلة في نفوس الضعفاء. و اقتداء بالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي لم يلعن اهل الطائف عندما طردوه و رموه بالحجارة وهكذا أتباعه من الواجب ان لا يلعنون أحدا، ولا يكرهون أحدا. الله تعالى هو العادل ويعطي كل مخلوق حقه و ليس بظلام للعبيد ، وفقط من الله نرجوا و نحن له قانتون.