التحولات البلغارية  و المجتمع المسلم فيها

 

اليوم بلغاريا تتحدث عن التحولات و التغيرات  . منذ ذلك الوقت يتم الحديث عن التغيرات في المجتمع البلغاري و الذي أطلق عليه مصطلح التحول.

 

دائما كنت صادقة و شفافة و الآن سأكون كذلك .هذه الامور بالنسبة لي غريبة  جدا .واعتقد انه ليس فقط بالنسبة الي .قبل سنوات سألت نفسي ما معنى التحول ؟ تعني شيئا أو شخص ما مشى في طريق من نقطة إلى نقطة أخرى و ان يمشي بهذا الطريق بثقة عالية ، و رؤية مستقبلية و ان يعلم ويعي ما يريد . انا هكذا افهم الأمور

 

استيقظت صباحا .نظرت إلى الرزنامة.  و اليوم لا يزال يشير إلى 9 تشرين الثاني . و كان علي  أن أقوم  بحركة واحدة و ان اغير التاريخ إلى 10 تشرين الثاني و كل شيء على ما يرام .لكنني وقفت أمام الرزنامة محاولا أن أفهم تلك الفترة ، الفترة التي لم اكن قد خلقت و والدي كانوا يحلمون بحياة مختلفة عما يعيشونها. كيف كان شكل الناس ، الشوارع ، السماء ....   في ذلك الوقت ؟ لا يمكنني أن اتيقن تلك اللحظات. لانني ولدت في زمن آخر .

 

لا اعلم كيف استيقظ تيودور جيفكوف في تشرين الثاني عام 1889 .ولا اعلم ما هي الأفكار التي كانت تجول في رأسه في 10 تشرين الثاني .لا اعلم كيف اصبحت بلغاريا في اليوم التالي .. . لانني ولدت في زمن آخر

 

لا اعلم كيف كان يعيش الناس في يوم 10 تشرين الثاني عام 1988 .دائما كنت حرة بأن اعبر عن رأيي .لكن أهلي و جميع الناس الذين عاشوا قبل هذا التاريخ " في ذاكرتهم شيء آخر" .

 

اليوم هو 10 تشرين الثاني 2017 .قبل 28 عاما فقط،  الشوارع التي كنت أتمشى بها كانت شيء آخر ، لأن الناس فيها كانوا مختلفين ، الأحلام كانت مختلفة و الاخلاق كانت غير ذلك .... المستقبل شيء آخر

 

أسير و احاول ان استشعر المستقبل ، اليوم التالي ، الناس .أتأمل بالمارة من حولي شباب ، رجال و نساء مسنين ، أطفال.... في الإذاعة وفي التلفاز و الصحف  يتحدثون عن هذا الحدث وفي كل مكان يتحدثون عن هذا التاريخ كنقطة تحول لبلغاريا . تحول إلى اين؟ اسأل نفشي " نحو الحرية ، الديمقراطية و حقوق الإنسان.... " اجابتني أصوات من الماضي القديم .

 

يجب أن أكتب بخصوص هذا الأمر.

 

يجب علي ان اجد جليسا. اكتشفت شخصا  محركا لعملية التحويل .أحد الشخصيات الذي لعب دورا هاما و الذي بدونه الشوارع التي نمشي عليها الآن لم تكن لتبدو كذلك.

 

هذا الشخص هو حسين كرمالله رئيس قسم االإرشاد التابع لمؤسسة الإفتاء العام للمسلمين في جمهورية  بلغاريا.

 

سؤالي هو " على ماذا حصلت الجالية الإسلامية خلال سنوات التحول ؟

 

بدأ السيد كرم الله بالتحدث عن ذكرياته آبان تلك  الحقبة " اليوم هو 10 تشرين الثاني التاريخ الذي يربطنا بما يسمى التحولات الديمقراطية في بلغاريا. فيما يتعلق بالمسلمين في بلغاريا نقول بكل فخر بأنهم ناضلوا حتى النهاية من أجل  للدفاع عن حقوقهم و ساهموا في بناء الديمقراطية في مجتمعنا الحالي .

 

المسلمون البلغار ناضلوا من أجل هويتهم ، من أجل  اسمائهم،   من أجل دينهم . هذه الظواهر و خاصة في الثمانينات أخذت على على محمل الجد من ممثلي الطبقات المثقفة من غالبية المجتمع البلغاري . شكلت منظمات هدفها خوض نضال استراتيجي وعدم التهاون مع مسألة تغيير الأسماء ومنع الانتماء الديني و الثقافي . و بكل صراحة نقول ان المسالمين و الأتراك في الفترة التي سبقت تغيير الأسماء كانوا نشيطين و محبين لعملهم و يعملوا من أجل  وطنهم.

 

محب للعمل قال كرم الله كلمة لا تستخدم في الوقت الحالي. ولكن لنكمل . تابع كرم الله في كلماته مع ذكرياته خلال التسعينات وهو يتحدث عن عن الاحتجاجات الشعبية النشطة التي نظمت بشكل عفوي من الجالية الإسلامية في بلغاريا و التي لاقت الدعم الأكبر من العاصمة صوفيا و من المجتمع البلغاري وكنت كمشارك في هذه الاحتجاجات شاهدا على تلك الأيام ذات البرد القارص حيث قدم سكان صوفيا ودعمونا بحضوركم و تضييفنا بالشاي و القهوة الساخنة ووجبات الفطور.

 

لدي احساس بأنني في يوم واحد أنني غير قادر على جمع تلك الكلمات التي ستكتب في هذا المقال. ولكن عندما أفكر في ذلك أجد جليس آخر وهي فاطمة مانغوفا المحاسب المالي  الرئيسي لمؤسسة الدين الإسلامي حيث علقت قائلة " انا لا اريد ان اقول ماذا حصل خلال تلك الفترة ولكن سأتحدث عن ما ماذا كان ابان تلك الفترة .

 

كان من غير المسموح لك بمزاولة ديانتك. لأنهم يترصدون  لك أمام باب الجامع .من يدخل و من يخرج و يجب  عليك المثول أمام لجنة التحقيق الحزبية . يستدعونه إلى المقر و يستجوبونه. من غير المسموح إقامة الطقوس و العبادات ..   . كان يتم ختان الأطفال في الليل و بكل سرية و في أماكن سرية .كانوا يترصدون في الصيدليات اذا اقدم أحدا على شراء شيء متعلق بالختان. كان هناك جواسيس يعملون للحزب الحاكم  ويترصدون من يدخل الجوامع ومن قام بختان ابنه. كان هناك كثير من النساء و خاصة في ياكورودا محتجزين بالسجون لسبب انهم شاركوا في عمليات الختان .الأعياد الدينية غير مسموح بالاحتفال بها علنا .كان غير مسموح بالاحتفال بعيد الأضحى المبارك . ولذلك كانوا يترصدون أمام الجوامع في الأعياد.  كل ما له علاقة بالدين كان غير مسموح به .ببساطة غير مسموح مزاولة الطقوس الدينية بالعلن. لهذا السبب كانت الناس تتخفى في حال عقد النكاح يذهب كبار السن إلى الجوامع بالسر و في ساعات الليل المتأخرة  ليتم عقده

 

إعطاء اسم المولود الجديد لا يقام بشكل علني. الجوامع كانت مفتوحة وفيها أئمة ولكن لا أحد يتجرأ  ان  يزورها . للعمال الذين يقومون باعمال حرة كان أسهل لهم ، أما الموظفين فلا يتجرؤا على زيارة الجوامع ، بالنسبة لهم غير مسموح و لا باي شكل من الأشكال".

 

من جديد أعود إلى  حسين كرم الله  موجها  سؤالي " ماذا لدينا الآن و على ماذا يجب أن نبني ؟ ".

 

أجابني بالشكل التالي : حق و حرية التعبير أصبح بمقدور أي شخص أن يعبر عنه هذه اضافة لها أهمية كبرى " .

 

بينما كنت اكتب هذه السطور كنت اسمع أصوات الآذان من جامع صوفيا. شاهدت وجوه معروفة في الشوارع يذهبون لأداء صلاة الجمعة. البعض منهم من الجيل الجديد و البعض الآخر من الجيل القديم الذين يتذكرون الماضي و يعملون بجد و اجتهاد من أجل الحاضر.

 

يسألون في المحطات التلفزيونية من جديد هل انتهت مرحلة التحول ؟ 

 

حسب ما ارى لم تنتهي بعد . ولكن في الوقت الحالي حققنا بعضا من خطوات النجاح. وهذا الأمر لا يجب الانقاص من قيمته

 

أحد معلمينا قال لنا " لتطور أي مجتمع عليه ان يمر بمخاضات حقيقية.  " 

أصعب المخاضات لمجتمعنا مرت،  علينا الاستمرار و ان نؤمن و ان نعمل

 


الديانة الاسلامية   جميع الحقوق محفوظة